رواية السادس الاحمر

مواجهة مع النفس

هذه المواجهة التي تعرف أنك أجلتها فررت منها كثيرا لا لشيء، إلا لأنك تعرف حجم الألم الذي ستواجهه والذي لربما لن تتحمله.

ولكنك لو أنك واجهت لعرفت، أن الكثير من تلك القيود الحديدية التي كبلت بها يديك لم تكن رملية أبدا ولا علاقة لها بالحديد أصلاً... أقول الكثير منها لا أقول كلها،، ولكن تبقى تلك الأحمال التي وضعتها على ظهرك لن يزيحها شيء كما يزيحها مواجهة الأمر ،مهما كان ذلك صعبا ومؤلما

الأجيال الذين دخلوا عقدهم الرابع وما بعد، يعلمون حجم الحنين الذي سيفتح عليك لو أنك أمسكت "ألبوم" الصور ذلك الذي يحوي تحت كل صورة فيه الكثير من القصص، ولعل أجيال اليوم الذين حُرموا من هذا النوع من هبات الحنين التي ستصيبهم بسبب صورة من ألبوم، رغم أن الله فتح لهم من دقة الصور ومقاطع الفيديو ومساحات تخزين لا متناهية، ولكن يبقى تأثير تلك الصورة خلف الألبوم غريباً جدا.

هذا ما فعله بي الدكتور أحمد، كان لي شرف أن أقرأ روايته التي لم تصدر بعد، "السادس أحمر"، وإذ به يفتح علي أبواب من الحنين عجيبة، فقدرتها على التسلل إلى أماكن بالقلب لا تصلها الكهرباء ببساطة كانت جلية ومتكررة، والأدهى من ذلك أني لا أذكر في حياتي أني قرأت نصا دفعني لمواجهة نفسي، و "الطبطبة" عليها كما فعلت هذه الرواية والأجمل أنها تقدم لك صورة من صور الحلول للجروح التي لا يوجد أحد منا من لا يكن له نصيب منها.

مع سيّرك جنبا إلى جنب الشخصيات في الرواية، فإنك ستجد توثيقاً تاريخياً لحقبة مهمة جدا في تاريخ العراق، الحقيقة من الجميل أن تعرف القصة ليس فقط من شريط الأخبار، بل من عايشها أيضا، كم جميل أن يدير أحدهم نظرك إلى زاوية أخرى لم تكن قد فُتحت لك من قبل.

هذا النوع من الروايات الذي سيكون من أول الأسماء التي ستكون على رأس لسانك في حال إذا سألك أحد عن توصية للقراءة، لأن المشاعر ستتورط في كثير منها.

لمحبي القراءة هناك عمل أدبي قادم سيعطيكم أيام قليلة من اللذة، للأسف أيام قليلة؛ لأنك ما أن تقلب الصفحات الأولى حتى تسير بسرعة تستحق عليها مخالفة سير، إلا أنك لا تملك رفاهية أن تُبطِئَ ولو قليلاً، رغم كل ذلك فإن العمل سيصلكم قريبا إن شاء الله وستشكرونني.

طبعا ستشكرون الدكتور أحمد، ولكن لا تنسوني

"السادس أحمر"... عندما تكون الصفحات تتحدث معك على مستوى النفس، وليس العقل فقط